.gif "نائب المدير")
محمد أعظم العظماء ما من إنسان قرأ سير العظماء الذين عرفهم التاريخ، منذ أن خلق الله عز وجل البشر، وما قدموه للانسانية من خير وعطاء، وقرأ سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وما قدمته رسالة الاسلام، من دعوة واضحة صريحة لتوحيد الله عز وجل، وتحرير الانسان من عبودية العباد، الى عبودية الله وحده لا شريك له، ومن دعوة الى حرية البشر كلهم، ومن مساواة مطلقة، ومن محاربة للظلم والظالمين، وكبح جماح المستبدين، الذين يريدون ان يدوسوا جماهير البشر بأقدامهم، ويقصوا ألسنة الأحرار، ويسملوا عيونهم، ويصلموا آذانهم، الا أيقن ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعظم العظماء، واشرف الخلق قاطبة، لأنه وقف بوجه كل اعداء الانسانية، وقال الحرية للجميع، والعدل لكل انسان، أليس هو الذي خطاب أمته داعيا إياها لمحاربة الظالمين وأعوانهم بقوله »اذا رأيتم الظالم ولم تأخذوا على يده يوشك ان يعمكم الله بعقابه« وهو القائل أيضا »إذا عجزت أمتي ان تقول للظالم، يا ظالم، فتودع منها« وتحدثنا سيرته العطرة »من أن أعرابيا جذبه من ثوبه وقال أعدل يا محمد فليس المال مالك ولما مال أبيك؟! فقال له محمد ويحك ومن يعدل ان لم أعدل، فهم عمر بن الخطاب بضربه، فقال له اعظم العظماء دعه يا عمر ان لصاحب الحق مقالا!! لا شك أنه موقف مشرف، ويشرف الانسانية، ولا يمكن ان يصدر الا من نبي كريم، يتلقى رسالة السماء وينقلها الى البشر بصدق وأمانة.
وهذه أقوال فيها شفافية، وفيها مساءلة، وفيها دعوة صريحة لمحاربة المستبدين والظالمين، ودعوة صريحة، لمخاطبة أولياء الأمر بشجاعة لتحقيق العدل بين الناس، وأن الاسلام رسالة سماوية، لم يطولها التحريف والنسيان، ولأن رب السماء حافظها، ستبقى الى الأبد نورا يهتدي بها.
وقد حاولت قوى الشر الاستعماري التطاول على مقام محمد عليه السلام، لأن تعاليمه انتشرت في افريقيا وآسيا انتشار النار في الهشيم، وكانت هذه القارات مرتعا للاستعمار الغربي وتوسعاته ونهب خيراتها، الا ان تعاليم الاسلام التي بذرت حب التحرر والانعتاق، ودعت الى العدالة المطلقة، جعلت شعوب هذه القارات تقف بوجه القوى الاستعمارية وتدعو الى التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار، لذلك شنت أوروبا حملة مسعورة ضد نبي الاسلام، واصفة اياه بأقذر الأوصاف، وتطاولت على رسالته بالتجريح والاساءة.
لكن بعض أحرار الفكر في أوروبا لم ترضيهم هذه الحملة الظالمة على محمد عليه الصلاة والسلام فأنبرى احد اشجع مفكريهم قبل حوالي قرنين من الزمان وفند الدعاية المغرضة والافتراءات الكاذبة وألف الكاتب البريطاني »توماس كارليل« مؤلفه الشهير (الابطال وعبادة البطولة) حيث قال »من العار ان يصغي اي انسان متمدن من ابناء هذا الجيل الى وهم القائلين أن دين الاسلام كذب، وان محمدا لم يكن على حق، لقد آن لنا ان نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا اليها هي التي ظلت سراجا منيرا اثنا عشر قرنا من الزمان (»هذا الكلام قبل مائتي عام«) فهل من المعقول ان تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع، هذه كلمات صدق قالها رجل حر الفكر بوجه اعصار الاكاذيب والافتراءات التي روجت قوى الشر الاستعماري لها.
يقول »توماس كارليل« مؤلف كتاب الابطال وعبادة البطولة، واصفا محمد عليه الصلاة والسلام، لم يكن كغيره يرضى بالأوضاع الكاذبة، ويسير تبعا للاعتبارات الباطلة، ولم يقبل ان يتشح بالأكاذيب والأباطيل، لقد كان منفردا بنفسه وبحقائق الكون والكائنات. لقد كان سر الوجود يسطع أمام عينيه بأهواله ومحاسنه، ومخاوفه، كان صوت هذا الرجل منبعثا من قلب الطبيعة ذاتها. ويمضي كارليل ويقول لقد كان محمد زاهدا متقشفا في مأكله ومسكنه وملبسه، وكان مأكله الخبز والماء، وربما تمر شهورا دون أن توقد في داره نار. فحبذا محمد من رجل خشن الملبس والمأكل والمسكن.
ويمضي مؤلف كتاب الابطال وعباده البطولة، ويقول لقد أخرج الله عز وجل العرب بالاسلام من الظلمات الى النور، وأحيا به أمة هامدة، وما كانت الا فئة جوالة في الصحراء خاملة فقيرة تجوب الفلوات، ومنذ بدأ العالم لا يسمع لها صوتا ولا تحس منها حركة وبرسالة الاسلام استحال الخمول الى شهرة، والغموض الى نباهة والضعف الى القوة واذا بالضوء الخافت قد اضحى نورا وهاجا يملأ الانحاء ويعم العالم.
هذا بعض ما قاله »توماس كارليل« عن محمد نبي الله عليه الصلاة والسلام، ولا بد من الاشارة الى ما قاله كاتب أمريكي معاصر هو العالم الفلكي الرياضي »مايكل هارت« في كتابه الذي يحمل عنوان (المائة) حيث جعل محمدا نبي الاسلام أول واحد في المائة (الخالدون) عبر كل التاريخ وذلك للاسباب التالية:
- في بداية كتاب المائة الخالدون يقول »مايكل هارت« لقد اخترت محمدا في أول هذه القائمة، ولا بد ان يندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق في ذلك. ولكن محمدا عليه السلام هو الانسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي وهو قد دعا الى الاسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات، واصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا وبعد أربعة عشر قرنا من وفاته فإن أثر محمد ما يزال قويا متجددا.
- من أسباب جعل محمد عليه السلام على رأس قائمة المائة الخالدون في نظر »مايكل هارت« انه المسؤول الأول عن ارساء قواعد الاسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والاخلاقي، وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية، كما ان القرآن قد نزل عليه وحده، وفي القرآن وجد المسلمون كل ما يحتاجون اليه في دينهم ودنياهم وآخرتهم.
والرسول استطاع ان يوحد العرب لأول مرة في التاريخ، وأن يملأهم بالايمان وأن يهديهم جميعا بالدعوة الى الاله الواحد، لذلك استطاعت جيوش الاسلام الصغيرة المؤمنة ان تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الارض تحت اقدامهم وشملت الامبراطورية الفارسية والبيزنطية، كان العرب أقل كثيرا من هذه الدول التي غزوها وانتصروا عليها.
فالامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعل »مايكل هارت: أن يعتبر محمدا عليه الصلاة والسلام أعظم الشخصيات أثرا في تاريخ الانسانية كلها.
هذا ما قاله أعمدة الحضارة الغربية بشهادتهم عن محمد عليه الصلاة و السلام باعتباره اعظم البشرية قاطبة
